مسيرة الملوك . Морган Райс
الشراب مفعوله بشكل كامل, و لكن هذه الليلة كانت مختلفة. لقد تغيّر كل ذلك بسرعة. لقد كانت الوليمة تسير على ما يرام, لقد تمّ تجهيزها مع اختيارات جيدة من اللحوم والنبيذ القوي, عندما قام ذلك الفتى تور, بالظهور فجأة و تدمير كلّ شيء. قام بالتدخل أولاً مع حلمه السخيف, ثمّ كان لديه الجرأة لضرب الكأس من يد الملك.
ثمّ ظهر ذلك الكلب ولعق الشراب من الأرض, وسقط بعدها ميّتاً أمام الجميع. لقد اهتزّ ماكجيل منذ ذلك الحين. لقد حاول شخصٌ ما تسميمه, إدراك هذه الحقيقة جاء كضربة المطرقة. لقد حاول أحدهم اغتياله, بالكاد يمكنه تصديق الأمر. لقد تسلل شخصٌ ما وتجاوز حراسه, واستطاع تجاوز متذوقي الطعام والنبيذ. لقد كان على بعد لحظات من أن يكون ميتاً, لقد هزّه ذلك بقوة.
لقد أشار إليهم بأن يأخذوا تور إلى الزنزانة, وتساءل مرةً إذا كان ذلك صحيحاً. فمن ناحية, لا يمكن للصبي أن يعرف أنّ تلك الكأس مسمومة لو يمكن هو من قام بذلك أو بطريقةٍ ما متواطئاً في تلك الجريمة. ومن ناحيةٍ أخرى, هو يعرف أنّ لدى تور قدراتٍ عميقةٍ وغامضة, غامضةٍ جداً, و ربما كان يقول الحقيقة. ربما كان قد رأى ذلك في منامه. ربما كان تور في الواقع قد أنقذ حياته, و ربما كان ماكجيل قد أرسل إلى الزنزانة شخصاً مخلصاً حقاً.
انفجر رأس ماكجيل من التفكير, وهو جالسٌ هناك يفرك جبينه محاولاً استيعاب ذلك كله. و لكنه كان في حالة سكر أكثر من اللازم في تلك الليلة, كان عقله مشوشاً جداً, الأفكار تتدافع في عقله ولا يستطيع الوصول إلى أيّ شيء. كان الجو حاراً جداً هناك, في ليلةٍ صيفيةٍ خانقة, وجسده محموم بسبب الغرق لعدة ساعات في الطعام والشراب, كان يشعر بجسده وهو يتعرق.
نهض ماكجيل و رمى عباءته بعيداً عن جسده, ثمّ قميصه الخارجي, وتعرّى من كل شيء ما عدا القميص الداخلي. مسح العرق من على جبينه, ثمّ من على لحيته. انحنى قليلاً و خلع حذائه الضخم , وأخذ يضافر أصابعه مع بعضها حالما وصل الهواء إليها. جلس هناك وهو يتنفس بصعوبة, محاولاً استعادة توازنه. كان بطنه منتفخاً, و مرهقاً جداً. دفع نفسه بقدميه للأعلى واستلقى على السرير, مريحاً رأسه على الوسادة. تنهد ماكجيل و نظر إلى الأعلى, إلى السقف, و أراد أن تتوقف الغرفة عن الدوران.
من يريد قتلي؟ تساءل مرةً أخرى. لقد أحبّ تور مثل ابنه, وأحسّ في داخله بأنّه لا يمكن أن يكون هو من قام بذلك. تساءل عمّن يمكن أن يكون, ماذا يمكن أن تكون الدوافع؟ و الأهم من ذلك, هل سيحاولون مرةً أخرى. هل كان آمناً؟ وهل كانت رُؤى أرجون صحيحة؟
شعر ماكجيل بثقلٍ في عينيه, وأحسّ بأن جواب ذلك خارج قدرات عقله الآن. لو كان عقله أكثر تركيزاً, ربما كان استطاع فهم ذلك كله. ولكن عليه أن ينتظر حتى طلوع الشمس كي يستدعي مستشاريه, و يبدأ بالتحقيق. كان السؤال الذي يدور في عقله ليس من أراد قتله, ولكن من الذي لا يريد موته. إنّ بلاطه مليءٌ بالناس التي تتوق إلى الوصول إلى العرش. قادة الجند الطموحين, أعضاء المجلس الدهاة و اللوردات المتعطشين للسلطة و الجواسيس, الخصوم القدامى و القتَلى من ماكلاود, و ربما حتى ساكنوا البراري. ربما أقرب من ذلك بكثير.
رفرفت عيون ماكجيل وهو يغطّ في نومٍ عميق. و لكن شيئاً ما استرعى انتباهه و أبقى عينيه مفتوحتان. لقد أحسّ ببعض الحركة و نظر إلى الأمام فلم يجد مرافقيه هناك. ألقى نظرة سريعة في المكان وهو مشوش. لم يتركه مرافقيه وحيداً من قبل أبداً, وفي الواقع لا يتذكر آخر مرةٍ بقي فيها وحيداً في هذه الغرفة. ولا يتذكر أنه أمرهم بالمغادرة. و الأغرب من ذلك, أن بابه كان مفتوحاً على مصراعيه.
وفي نفس اللحظة سمع ماكجيل صوتاً من الجانب الآخر من الغرفة, التفت و نظر إلى هناك. كان هناك ظلٌّ يمتد على الجدار بسبب المشاعل, ظل رجلٍ طويل القامة و نحيل, يرتدي عباءةً سوداء مع غطاءٍ منسدلٍ على وجهه. طَرَف ماكجيل عدة مرات محاولاً معرفة ما يراه أمامه. في البداية كان واثقاً أنها مجرد ظلال, و أن وميض المشاعل تتلاعب في عينيه.
ولكن بعد لحظات اقترب ذلك الشيء عدة خطوات باتجاهه