في القلب الكثير. Ayham Najem
ي والتسجيل على أشرطة أو سواها وحفظ المعلومات أو استرجاعها – من دون الحصول على إذن خطّي مسبق من المؤلّف.
ردمك (ISBN): 9789403635668
يمكن التواصل مع الناشر عبر الوسائل التالية:
- هاتف: 0031648632561
- بريد إلكتروني: [email protected]
مقدّمة
ننتظر الكثير الكثير خلال حياتنا.
نكتب أحلامنا على ورقٍ نقتطعه من دفتر، أو آخر في مذكراتنا.
لا يهم أين، يُهمّ ما نكتب، ويضيع بعض هذا الورق، ويُحفظ بعض، وفي النهاية لا تموت أحلامنا.
ونَحفظ أوراقاً حتى ننساها، وقد يحول عليها الزمن، وتتحوّل للأصفر، ولكن ما إن نقرأها مجدداً حتى نبتسم إن حققنا ما بها، أو نشحذ هممنا إن لم نفعل!
وماذا بعد؟!
سيمرُّ الشّتاءُ طويلاً مِن جديد، وشتاءٌ آخر سيبثُّ الجليد وراء الضُّلوع.
كيف تُرى انقضى الرّبيع فجأة؟
كيف كان ظِلُّ البؤس مُقبلاً دُون أن نراه؟!
ولماذا نحا نحونا؟!
دائماً ما تكون الكلماتُ الأخيرةُ خُلاصةَ الحقيقة، ويتخلّلها حمدُ الله وشكرُه، وإن كان القلبُ يكادُ ينفجِرُ من فَرطِ الخَيبة.
مكتوبٌ ما سيحدث، ولو تكرّر التاريخُ ألف مرة أخرى، فلا شيء يتغيّر، ولا ردّ سوى السّمع والطاعة.
سامحينا أيّتها الدُّنيا ولترضَ عنّا أيُّها الحُب، ليسَ بيننا مَن خَانَ أو آذَى. نحنُ _واللهُ يَشهَدُ_ خيرُ مَن تَفيّأ بخيمتك، إلّا أنَّ القدرَ لهبُوبِ ريحِهِ رأيٌ آخر.
والختام أنِ الحمدُ للهِ ربّ العالمين، والشّكرُ لأيّامٍ تتميّز فقط، بأنَّها لن تعُود!
العمر
العُمر هُو ذلِكَ الزّمن يُقتَطَعُ من التّاريخ كحيّزٍ لَك، تراه طويلاً أو قصيراً، تراه مُهمّاً أو لا تلتفِتُ له، تراه استثنائيّاً أو كالبقيّة.
لقد اقتُطِعَ وانتهَى الأمر، هُو ملكُك.
والعمرُ يُشبه السّهم، ينطلقُ من مهدك إلى لحدك.
لا يُمكِنُ أن يمُرّ فردِيّاً، ولا يُمكِنُ ألّا يَصِل، لَا بُدَّ مِن سِهَامٍ أُخرى تَمُرّ معه، تلتقي فيقضي أحدها على الآخر وتسقط في آنها، أو تبتعد فتسقط في لُحودٍ متباعدة، أو تستمرُّ برفقةِ الدّرب، تتشارك الهواء الذي تخترقه والمكان الذي تحتله.
هُو العُمر يُطلَقُ مرَّةً لكلِّ وَاحدٍ فِينا، وجَعْلُه جَمِيلَاً زَاهِيَاً صُنع أيدِينَا، فاحذَر على ما يَترُكُهُ التَّارِيخُ عَنك.
وفي العُمر _عمر كلِّ واحدٍ مِنّا_ نقاطٌ معرُوفَةٌ عبر التّارِيخ.
حين يُولد وحين يَشبّ وحين يُهدي العمر لمولودٍ وغيرها، كُلّها نقاط فرح، وهناك نقطةُ تلاقٍ وحيدة يخرجُ الشخص فِيها من عُمرِهِ لعُمرٍ جديد، يُولد فِيهَا من جديد، يُمنح روعةَ النّظرِ إلى ألوانٍ لم يشهدها أحدٌ سواه، يتجسد فيها العمر شخصاً يُشاركه هواه، وتلك أيضاً نقطةُ فرح.
وكلّ شخصٍ يشكّل هيئة هذه النقطة في خياله إلى أن يلاقيها، لربما يراها شُعاعاً وسط ظَلمة، أو نهضةً بعد نكسة، أو يَداً تمتدُّ له حين يُحاول النجاةَ بلا جدوى، ولربما يراها عبق الرّبيع بعد شتاءٍ داكنٍ بارد، دفئاً يعوض صرْد الليل، نسمةً تبعثُ الأمل فيه من جديد، صلاةَ توبةٍ بحرقة الفَرحِ وهو التّائِب، سطورَ هوىً في أيدي العشّاقِ حَولَهُ وهو الكاتِب، سطوعَ الشمسِ بعد ليلٍ طَويل، وصفاءَ الليل والبدرُ فِيه، أو لمسةً من روحٍ تخترقُ كلَّ المستحيل وتُلامس القلب بحنان، وهمسةً من تلك الروح تقول اهدَأ أنا هنا لديك.
هِي لحظة فرحٍ تمتدُ على مدى العمرِ كلّه.
فباللهِ ما يَجعلكَ تَظنُّ أيّها الشاكي، أنَّ لحظةً فِي عمركَ كتلك، يُمكِنكَ أن تقبَل أن تَكونَ لحظةً حزينة؟!
يا حزن
يا حُزنُ اجلسْ
تتصابى بيننا وأنتَ كَهلٌ
خَبِرتَ الأذَى وإن مَا بدَا إلّا قليلَا
وارحَل عن هُنا
فإنّا وربِّ البيتِ لم نقُل أهلاً
بل حللتَ بنا ضَيفاً ثقيلَا
كم بَشراً أفنيتْ؟
كم واحداً ما رأَى في مرآتهِ
عنكَ يا حُزن تبديلَا؟
حتى ظننتَ أنّك مُنتصرٌ
وما النّصرُ بصاحبٍ لكَ ولكن عدوٌّ
وإنّكَ يا حُزن ضللتَ السّبيلا
هذا اليومُ مُختلِفٌ
فقد مَحوتُ عن مرآتِي ظلامَكَ
وأودَعتُها فَرحَاً وصبراً جميلَا
بقيّة
كُفِّي عن قلبِي يداكِ فإنّهُ
أتعبنَا الدّهرُ بما أبلانَا
وزادنَا الشّجَنُ منكِ ما زادَنَا
فسَئمنا تَعَباً وأشجَانَا
هوَ مَركبٌ فِي عُرْض بحرٍ
وإنّا بين مائِه وسمائِهِ ترانَا
طُول الإبحَارِ أمَرَّ بِنَا
فيَا ليتنَا لقِينَا برّاً وشُطآنَا
لطَالَمَا باعنَا الدَّهرُ يأسَاً
لكن بأسُنَا دَائِماً رَانَ
فشَطَأْنَا .. وبنينَا .. وأقمْنَا
بعدمَا الهَوَى بَانَ
* * *
سَيكتُبُ التّارِيخُ عنّا
وكيفَ خِطْنا مِن بُيُوتِ الشِّعرِ أكفَانَا
فإن مِتنَا كَانت لنا فَخرَاً